وقوله حيث أمر متعلق بنزل أي نزل بالموضع الذي أمره الله تعالى أن ينزل فيه وكانت مدة إقامته بمكة من حين النبوءة ثلاث عشرة سنة كما رواه البخاري عن ابن عباس وروى مسلم عنه خمس عشرة، قال الحافظ: والأول أصح اهـ، وهو قول الجمهور، قاله الشيخ محمد بن عبد الباقي، وكان خروجه عليه السلام من مكة بعد بيعة العقبة بثلاثة أشهر أو قريبًا منها، ذكره الحاكم، وجزم ابن إسحاق أنه خرج أول يوم من ربيع الأول، فعلى هذا يكون بعد البيعة بشهرين وبضعة عشر يومًا؛ لأن البيعة في ذي الحجة ليلة ثاني أيام التشريق، فالباقي من الشهر ثمانية عشر يومًا إن كان تامًا، وإلا فسبعة عشر، وقدم صلى الله عليه وسلم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول على الراجح، وقيل لثمان خلت منه كما في الاستيعاب، وقال الحاكم: تواترت الأخبار أن خروجه كان يوم الاثنين ودخوله المدينة يوم الاثنين، إلا أن محمدًا ابن موسى الخوارزمي قال إنه خرج من مكة يوم الخميس، ويجمع بينهما بأن خروجه من مكة كان يوم الخميس، وخروجه من الغار كان ليلة الاثنين لأنه أقام فيه ثلاث ليال ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد، وخرج أثناء ليلة الاثنين، وقول الحاكم تواترت الأخبار أن خروجه يوم الاثنين مجاز أطلق اليوم على الليلة، وروى الحاكم أنه صلى الله عليه وسلم قال لجبريل من يهاجر معي، قال أبو بكر الصديق، قال الحاكم صحيح غريب، وأخبر عليًا أنه يريد الخروج وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس، وذلك أنه كما قال ابن إسحاق ليس في مكة أحد يكون عنده شيء يخاف عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من أمانته، قالت عائشة رضي الله عنها: كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، أتانا في الهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها.