وصلوا فذكر ذلك له صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يعنف أي لم يلم واحدا منهم لا التاركين ولا الفاعلين. قال ابن إسحاق وحاصرهم عليه الصلاة والسلام خمسا وعشرين ليلة حتى أجهدهم الحصار أي بلغ بهم غاية المشقة وأجهدهم بالألف وبلاه بمعنى ورويا هنا ولابن مسعود حاصرهم خمس عشرة ليلة وألقى الله في قلوبهم الرعب، فقال لهم رئيسهم كعب بن أسد، يا معشر يهود قد نزل بكم ما ترون وإني أعرض عليكم خلالا ثلاثا أي خصالا بكسر الخاء المعجمة جمع خلة بفتح المعجمة وشد اللام، قاله الشامي، قالوا وما هي؟ قال نتابع هذا الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل وأنه الذي تجدونه في كتابكم فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، فأبوا. فقال فإذا أبيتم هذه فهلم فنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه رجالا مصلتين بكسر اللام أي مجردين من السيوف من أغمادها لم نترك وراءنا ثقلا بفتحتين ونقاتل حتى يحكم الله بيننا وبين محمد فإن نهلك فلن نترك وراءنا ما نخشى عليه فقالوا أي عيش لنا بعد أبنائنا ونسائنا؟ فقال فإن أبيتم على هذه فإن الليلة ليلة السبت وعسى أن يكون محمدا وأصحابه قد أمنوا فيها فأنزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة بكسر المعجمة وشد الراء أي غفلة. قالوا نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ قردة وخنازير.
قال ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه في ليلة حازما وأرسلوا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن ابعث إلينا أبا لبابة أحد النقباء واسمه رفاعة، وقيل مبشر بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمرنا فأرسله إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش بفتح الجيم والهاء وكسرهما فشين معجمة أي فزع وأسرع إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم وقالوا يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد وذلك أنهم لما أيقنوا بالهلكة