أنزلوا شمأس بن قيس فكلمه صلى الله تعالى عليه وسلم أن ينزلوا على ما نزل بنو النضير من ترك الأموال والحلقة والخروج بالنساء والذرارى وما حملت الإبل إلا الحلقة فأبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال تحقن دماءنا وتسلم لنا النساء والذرية ولا حاجة لنا فيما حملت الإبل فأبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن ينزلوا إلا حكمه وعاد إليهم شماس بذلك، فقال أبو لبابة نعم، واشار بيده إلى حلقة أنه الذبح، قال أبو لبابة فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله، فندمت واسترجعت فنزلت وأن لحيتي لمبتلة من الدموع والناس ينظرون رجوعي إليهم، ثم انطلق أبو لبابة فلم يأت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى الاتبط في المسجد وقال في رواية وكان ارتباطي إلى الاسطوانة المخلقة أي التي طليت بالخلوق بوزن رسول وهو ما يخلق به من الطيب، وقال لا أبرح من مكاني هذا حتى أموت أو يتوب الله علي. وعاهدت الله أن لا أطأ بني قريظة ولا أرى في بلدة خنت الله ورسوله فيها.
فلما بلغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خبره وكان قد استبطأه، قال أما لو جاءني لاستغفرت له، وأما إذا فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه. قال فكنت في أمر عظيم في حر شديد عدة ليال لا أكل فيهن شيئا ولا أشرب. قال هشام أقام مرتبطا ست ليال تأتيه امرأته فتحله في وقت كل صلاة فتربطه. ولابن عبد البر أنه ارتبط بسلسلة ربوض بفتح الراء المهملة وضم الموحدة فواو فضاد معجمة أي عظيمة غليظة بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه وكاد يذهب بصره فكانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة أو اراد أن يذهب لحاجة فإذا فرغ أعادته. والظاهر أن امرأته تقيدت به ست وبنته في باقي البضع فلا تنافي بين الروايتين كما في الزرقاني، ونزلت توبته عليه صلى الله تعالى وسلم وهو في بيت أم سلمة استأذنته عليه السلام أن تبشره فأذن لها فبشرته وذلك ضرب الحجاب، فثار إليه