الأحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وبعثت قريش أربعين رجلا منهم أو خمسين وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا فأخذوا أخذا وأوتي بهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فخلى سبيلهم، ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه، فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له، فقال يا رسول الله أخاف قريشا علي نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحدا يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلطتي عليها ولكني أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان، فدعا صلى الله تعالى عليه وسلم عثمان فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته، فخرج عثمان فلقيه أبان بن سعيد، بن العاصي فحمله بين يديه ثم أجاره انتهى.
وفي الزرقاني أنه صلى الله تعالى عليه وسلم بعث إلى قريش كتابا مع خراش بن أمية على جمله عليه السلام فعقره عكرمة بن أبي جهل، قال وليس المراد به كتاب الصلح كما يوهمه سياق المواهب بل كتاب أرسله لأشراف قريش كما أخرجه البيهقي والحاكم يعلمهم أنه انما قدم معتمرا، قال الزرقاني بعد كلام وكتب كتابا بعثه مع عثمان بن عفان وأمره أن يبشر المستضعفين بمكة بالفتح قريبا، وأن الله سيظهر دينه فتوجه عثمان فوجد قريشا ببلدح بفتح الموحدة والدال المهملة بينهما لام ساكنة ثم حاء مهملة موضع خارج مكة قد اتفقوا علي منعهم من مكة، فأجاره ابان بن سعيد وحمله علي فرسه وركب هو وراءه، وقال له اقبل وادبر ولا تخف أحدا، بنو سعيد أعزة الحرم، فانطلق حتى أتي أبا سفيان وعظماء قريش وقرأ عليهم الكتاب واحدا واحدا، فما أجابوا، فصمموا أنه لا يدخلها هذا العام، فقالوا لعثمان إن شئت أن تطوف فطف، فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد قال المسلمون هنيئا لعثمان، خلص إلى البيت فطاف به