قال الحافظ في الفتح ولا مانع من الحمل على الظاهر، وكون الصورة البشرية أشرف من الصور لا يمنع من حمل الخبر على ظاهره لأن الصورة باقية كما هي وإعطاء الجناحين مضموما إلي عود يديه يصيره في المنظر أتم من حال بقية نوع الإنسان فالأجنحة له كالزينة والحلي لمن تحلي وتزين وروى البيهقي مرسلا أن جناحي جعفر من ياقوت فهو صريح في ثبوتهما له حقيقة وأنه ليس من جنس أجنحة الطير التي هي من ريش فهذا يرد قوله أنها صفة ملكية وجاء في جناحي جبريل أنهما من لؤلؤ أخرجه ابن مندة بفتح الميم وقد قال بعض العلماء أن هذا التأويل لا يليق مثله بالإمام السهيلي بل هو أشبه بكلام الحشوية ولا ينكر الحقيقة إلا من ينكر وجود الملائكة وقال تعالى {أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع} انتهى من الزرقاني.
ولما قتل جعفر أخذ اللواء عبد الله بن رواحة ثم تقدم وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم قال:
(أقسمت يا نفس لتنزلنه ... لتنزلن أو لتكرهنه)
(أن أجلب الناس وشدوا الرنه ... ما لي أراك تكرهين الجنة)
(قد طالما قد كنت مطمئنة ... هل أنت إلا نطفة في شنه)
وقال أيضا:
(يا نفس إلا تقتلي تموتي ... هذا حمام الموت قد صليت)
(وما تمنيت فقد أعطيت ... إن تفعلي فعلهما هديت)
وإن تأخرت فقد شقيت)
يعنى صاحبيه زيدا وجعفرا.
ثم نزل فأتاه ابن عم له يعرف بعرق من لحم فقال شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت فانتهش منه نهشة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده فأخذ سيفه فقاتل حتى قتل.
وذكر ابن أبي جمرة أنه قال أي نفس إلي أي شيء تتوقين إلي فلانة فهي طالق وفلان وفلان غلمان له فهم أحرار وإلي معجب حائط له فهو لله ورسوله ثم قاتل حتى قتل رضى الله عنهم أجمعين انتهى.