قدرتم على بجاد رجل من بني سعد فلا يفلتنكم، وكان أتاه مسلم فقتله وقطعه عضواً عضواً، ثم أحرقه بالنار فظفروا به فساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء وأتعبوها بالسير، فقالت تعلمون والله إني أخت صاحبكم فلم يصدقوها فلما انتهوا إلى إليه صلى الله تعالى عليه وسلم قالت يا رسول الله إني أختك، قال وما علامة ذلك؟ قالت عضة عضضتنيها وأنا متوركتك، فعرف العلامة فبسط لها رداءه، فأجلسها عليه ورحب بها ودمعت عيناه، وقال لها إن أحببت فعندي محببة مكرمة وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت، فقالت بل تمتعني وتردني إلى قومي فأسلمت ومتعها عليه السلام وردها إلى قومها وأنزل الله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} إلى قوله {وذلك جزاء الكافرين}، ثم جمعت له صلى الله تعالى عليه وسلم سبابا أهل حنين وأموالهم فأمر بها إلى الجعرانة فحبست بها حتى أدركها منصرفة من الطائف ويأتي ذكرها إن شاء الله، وقال العباس بن مرداس السلمي في يوم حنين:
(عفى مجدل من أهله فمتالع ... فمطلى أريك قد خلى فالمصانع)
(ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا ... رخي وصرف الدهر للحي جامع)
(حبيبية ألوت بها غربة النوى ... لبين فهل ماض من العيش راجع)
(فإن تتبعي الكفار غير ملومة ... فإني وزير للنبي وتابع)
(دعانا إليهم خير وفد علمتهم ... خزيمة والمراد منهم وواسع)
(فجئنا بألف من سليم عليهم ... لبوس لهم من نسج داوود رائع)
(يبايعه بالأخشبين وإنما ... يد الله بين الأخشبين نبايع)
(فجسنا مع المهدي مكة عنوة ... بأسيافنا والنقع كابن وساطع)
(علانية والخيل يغشى متونها ... حميم وآن من دم الجوف ناقع)
(ويوم حنين حين سارت هوازن ... حميم وآن من دم الجوف ناقع)
(صبرنا مع الضحاك لأي يستفزنا ... قراع الأعادي منهم والوقائع)
(أمام رسول الله يخفق فوقنا ... لواء مخذروف السحابة لامع)
(عشية ضحاك بن سفيان معتص ... بسيف رسول الله والموت كانع)
(نذود أخانا عن أخينا ولو نرى ... مصالا لكنا الأقربين نتابع)