والدبابة مشددة آلة للحرب، يدخل فيها الرجال فيدبون فيها إلى الحصون فينقبونها. وسار عليه السلام إليها في شوال سنة ثمان، وقدم خالد بن الوليد على مقدمته في ألف من أصحابه، قال في المواهب وكانت ثقيف لما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم بالطائف، ورموه بالتشديد أي أصلحوه، وأغلقوه عليهم بعد أن أدخلوا فيه ما يصلحهم من القوت لسنة وتهيؤوا للقتال؛ انتهى.
فدنى خالد من الحصن فدار به ثم نادى بأعلى صوته ينزل إلى أحدكم أكلمه وهو آمن، أو اجعلوا لي مثل ذلك وأدخل عليكم، فقالوا لا ينزل غليك رجل منا ولا تصل إلينا، إن صاحبكم لم يلق قوماً يحسنون قتاله غيرنا.
قال خالد فاسمعوا من قولي، نزل صلى الله تعالى عليه وسلم بأهل الحصون يثرب وخيبر وأنا أحركم مثل يوم قريظة حصرهم أياماً ثم نزلوا على حكمه، فقتل مقاتلهم في صعيد واحد وسبى الذرية ثم فتح مكة وأوطأ هوازن في جموعها. قالوا لا نفارق ديننا. وكانت ثقيف أدخلت معها عقيلاً وغيرهم من العرب، قال في المواهب ومرّ صلى الله تعالى عليه وسلم في طريقه بقبر أبي رغلان وهو أبو ثقيف فاستخرج منه غصناً من ذهب اهـ وكان يتوكأ عليه كما في الزرقاني.
وروى ابن إسحاق والبيهقي عن ابن عمر أنه عليه السلام قال هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف وكان من ثمود بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه اهـ وليس أبو رغال هذا هو دليل أبرهة لما مرّ بالطائف فإن بين مولده عليه السلام وهلاك ثمود ألوفاً، وسار عليه السلام حتى نزل قريباً من حصنهم ولا مثل له في حصون العرب، فرمت ثقيف المسلمين بالنبل رمياً شديداً كأنه رجل جراد بكسر الراء وسكون الجيم وهو الجماعة الكثيرة، فأصيبت قوم من المسلمين بجراحة، واستشهد منهم اثني عشر رجلاً، منهم عبد الله بن أبي امية أخو أم سلمة لأبيها، وسعيد بن سعيد