فجاءني فقال أحفر زمزم! قلت وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل. برة بفتح الموحدة وشد المهملة سميت بذلك لكثرة منافعها وسعة مائها، قال في الروض وهو اسم صادق عليها لأنها فاضت للابرار وغاضت عن الفجار والمضنونة بضاد معجمة ونونين لأنه ضن بها عن غير المؤمن فلا يتضلع منها منافق قاله وهب. وفي رواية الزبير بن بكار أن عبد المطلب قيل له أحفر المضنونة ضننت بها عن الناس إلا عليك ولا يزف بكسر الزاء لا يفرغ ماؤها ولا يلحق قعرها ولا تذم بمعجمة لا توجد قليلة الماء من قولهم بئر ذمة أي قليل ماؤها. قال والغراب العصم فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه الذى إحدى رجليه بيضاء فلما بين لعبد المطلب شأنها ودل على موضعها عدى بمعوله ومعه ولده الحارث ليس له يومئذ ولد غيره فجعل يحفر ثلاثة فلما بدى له الطي كبر وقال هذا طي إسماعيل فقاموا إليه فقالوا إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها، قال ما أنا بفاعل. إن هذا المر قد خصصت به دونكم. قالوا له فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها. قال فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم عليه قالوا كاهنة سعد بن هذيم وكانت بإشراق الشام فركب عبد المطلب ومعه نفر من بنى عبد مناف وركب من كل قبيلة من قريش نفر فخرجوا حتي إذا كانوا بمفازة بين الحجاز والشام وظمأ عبد المطلب وأصحابه حتى أيقنوا بالهلكة فاستقوا من معهم من قبائل قريش وقالوا إنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم، فلما رأى ما صنع القوم قال ماذا ترون؟ قالوا ما رأينا إلا نتبع رأيك، فأمرنا بما شئت. فأمرهم بحفر قبورهم، وقال من مات واروه أصحابه حتى يكون الآخر فضيعته أيسر من ركب وقعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم قال والله إن إلقاءنا بأيدينا للموت عجز لنضربن في الأرض عسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد وركب راحلته فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وأصحابه ثم نزل فشربوا واستقوا حتى ملؤوا