وقولها واكبت يقال كبت العدو كضرب رده بغيظه وأذله كما في القاموس، (وكم رأت) أي عاينت وأبصرت (له) أي النبي صلى الله عليه وسلم (من الآيات) أي العلامات الدالة على رسالته ومكانته صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى (حليمة) ولما كان ما رأت له عليه السلام له يكاد ينحصر أشار لبعضه بمن التبعيضية فقال (منها) أي الآيات المذكورة (درور الشاة) أي كثرة لبنها، وفي المصباح در اللبن وغيره درا من باب قتل وضرب كثر وشاة دار بغير هاء ودرور اهـ، وأراد بالشاة الجنس يعنى غنمها كلها كمل يأتي في قولها فكانت غنمي تروح حين قدمنا بهش باعا لبنا بضم اللام وكسرها لغتان حكاهما الجوهري وشد الموحدة أي كثيرة اللبن جمع لبون واعلم أن عادة نساء قبائل العرب التى حول مكة ونواحي الحرم أنهن ياتينها في كل عام مرتين ربيعا وخريفا للرضعاء يذهبن بهم حتى تتم الرضاعة لأن نساء قريش يرين ارضاع أولادهن عارا عليهن كما قاله العزفي وقال عيره لينشأ الولد غريبا فيكون أنجب له ولسانه أفصح لخبر أنا أعربكم أنا من قريش واسترضعت في بنى سعد وكانت مشهورة في العرب بالكمال وتمام الشرف وقيل لتفرغ النساء للأزواج فلما كان عام ولادته صلى الله عليه وسلم خرجت حليمة كما رواه ابن اسحاق وابن راهويه والبيهقي وأبو نعيم أنها قالت قدمت بمكة في نسوة من بنى سعد بن بكر نلتمس الرضعاء في سنة شهباء على أتان لى ومعي صبي لنا وشارف لنا والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع مع صبينا ذلك لا يجد في ثديي ما يغذيه ولا في شارفنا ما يغذيه فقدمنا مكة فو الله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل انه يتيم فو الله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري فلم أعط لما أنا عليه من الضيق فلما لم أجد غيره قلت لزوجي والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلنا خذنه، فذهبت إليه فإذا به مدرج في ثوب صوف أبيض من اللبن يفوح منه