هذا بيان لكونه معجزاً والفعلان يتنازعان فيما بعدهما وكأنه يقول إنما حكمنا بإعجاز القرآن لأنه لم يجئ فيما مضى إنس ولا جن بما يماثل ما تحدى به وهو أقصر سورة منه ولا يجيئون به فيما يأتي ولون كان بعضهم لبعض ظهيرا أي معينا ...
(( ... ) وكم من مزعج ... لهم مقرع على ... الإتيان به .. )
المزعج المحرك، والمقلق قال في القاموس زعجه كمنعه أقلقه، وقلعه من مكانه كأزعجه والتقريع التعنيف، واغلاظ القول والضمير المجرور بمثل القرآن مع أنهم وجدوا ما يحملهم على الإتيان به من حضهم على ذلك وتعنيفهم، قال تعالى {فاتوا بسورة من مثله فاتوا بسورة من مثله}، {فاتوا بعشر سور مثله}، {قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً}، قال القاضي في الشفا فلم يزل يقرعهم، صلى الله تعالى عليه وسلم، أشد التقريع وتوبخهم غاية التوبيخ ويسفه أحلامهم ويحط أعلامهم، ويشتت نظامهم ويذم آلهتهم وآباءهم ويستبيح أرضهم وديارهم وأموالهم وهم في كل هذا ناكصون عن معارضته محجمون عن مماثلته، مخادعون أنفسهم بالتشغيب. وقولهم إن هذا إلا سحر يؤثر، وسحر مستمر وإفك افتراه وأساطير الأولي، والرضى بالدنية، كقولهم قلوبنا غلف وفي أكنة مما تدعونا إليه، وفي آذاننا وقر، (وهم)، أي العرب الذين بعث فيهم النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، (فرسان هذا الشأن) يعني به فصاحة الكلام وبلاغته فقد أوتوا من فصاحة اللسان ما لم يؤت إنسان وخصوا من البلاغة والحكم بما لم يخص به غيره من الأمم.
(قد متطوا منه جواد السبق)
يعني أن العرب قد امتطوا من هذا اللسان كل فرس جواد يسبق الخيل