للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعدم ولا تبقى بعد مفارقتها الجسد فذلك قول الفلاسفة الذين اعتبروها عرضا من أعراض الجسم، وهذا كذلك ما تضمنته بقية الآثار السابقة في أن الروح بعد مفارقة البدن تبقى في قبضة يد مَلَك من الملائكة، حتى إنها لتعلم كل ما يفعله الغاسل، ومن حولها من الناس، وورودها مع البدن حتى تدخل القبر، فتعاد ليسأل الميت في قبره، ولخطورة القول بفناء الروح وموتها لم يعده العلماء من أقوال أهل الإسلام بل عدوه قولا شاذا؛ لأنه يؤدي إلى إنكار عذاب القبر ونعيمه، بل إلى إنكار معادها، قال شيخ الإسلام: "مذهب سلف الأمة وأئمتها أن العذاب أو النعيم لروح الميت وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأيضا تتصل بالبدن أحيانا فيحصل له معها النعيم أو العذاب" (١) وقال: "الذي عليه الأنبياء وأتباعهم، وجمهور العقلاء أن الروح تفارق البدن، وتبقى بعد فراق البدن، ومن قال من متكلمة أهل الملل أنه لا يبقى بعد البدن روح تفارقه، وأن الروح جزء من البدن، أو عرض من أعراض البدن، فقوله مع أنه خطأ في العقل الصريح هو أيضًا مخالف لكتب اللَّه المنزلة ولرسله ولمن اتبعهم من جميع أهل الملل" (٢) وقال ابن رجب عند مناقشته استدلالتهم ومنها قوله تعالى: " {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (٣) إنما أراد كل مخلوق فيه


(١) الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٥٩)، وانظر الصفدية (٢/ ٢٦٧).
(٢) الجواب الصحيح (٣/ ٢٨٦).
(٣) سورة آل عمران، من الآية (١٨٥)، ووردت في الأنبياء (٣٥)، والعنكبوت (٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>