للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: في قوم استوجبوا النار فيشفع فيهم أن لا يدخلوها، وهذا النوع لم أقف إلى الآن على حديث يدل عليه (١)، وأكثر الأحاديث صريحة في أن الشفاعة في أهل التوحيد من أرباب الكبائر، إنما تكون بعد دخولهم النار، وأما أن يشفع فيهم قبل الدخول فلا يدخلون، فلم أظفر فيه بنص.

والنوع الثاني: شفاعته -صلى اللَّه عليه وسلم- لقوم من المؤمنين في زيادة الثواب ورفعة الدرجات، وهذا قد يستدل عليه بدعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي سلمة، وقوله: "اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين" (٢).

وأما أثرا حذيفة وعلي رضي اللَّه عنهما في سؤال اللَّه الشفاعة وأنه يستلزم أن يكون العبد مذنبا، أو أنه يدخل النار، وترتيبهما على ذلك عدم سؤال اللَّه ذلك، فعلى ما فيهما من لين، فقد تعقبهم القاضي عياض فيما نقله عنه النووي في الأذكار بكلام متين فقال: "هذا خطأ، ولولا خوف الاغترار بهذا الغلط، وكونه قد ذكر في كتب مصنفة، لما تجاسرت على حكايته، فكم من حديث صحيح جاء في ترغيب المؤمنين الكاملين بوعدهم شفاعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قال مثل ما يقول المؤذن حلت له شفاعتي" وغير ذلك، وقد أحسن الإمام الحافظ الفقيه أبو الفضل


(١) أورد الشيخ مقبل رحمه اللَّه في كتابه الشفاعة فصل في شفاعته -صلى اللَّه عليه وسلم- لأناس قد أمر بهم إلى النار، ذكر فيه حديثين صريحين وتعقبهما بالتضعيف.
(٢) حاشية ابن القيم على أبي داود (١٣/ ٥٥)، وانظر شرح العقيدة الطحاوية (٢٢٩)، فتح المجيد (٢٠٠)، ولمزيد من الوقوف على الأحاديث والآيات في ذلك انظر: الشفاعة للوادعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>