للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كل من هذين النوعين وإن لم يكن كفرا محضا، فهذا من الذنوب والسيئات التي تقع من أهل القبلة. . . فمن خلص من الشهوات المحرمة، والشهوات المبتدعة وجبت له الجنة، وهذه هي الثلاثة: الكلام المنهى عنه، والطعام المنهي عنه، والنكاح المنهي عنه، فإذا اقترن بهذه الكبائر استحلالها كان ذلك أمرا، فكيف إذا جعلت طاعة وقربة وعقلا ودينا، وهؤلاء هم الذين يستحقون عقوبة أمثالهم من الأمم (١)، كما ثبت في الصحيح أنه يكون في هذه الأمة من يمسخ قردة وخنازير، وكما روى أنه سيكون فيها خسف وقذف ومسخ" (٢)، وقد فصّل الإمام الشاطبي رحمه اللَّه هذه الجملة تفصيلا بديعا حيث بيّن في كل نوع من أنواع العقوبات التي وردت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في آخر الزمان، كيف دخلتها البدعة ولو كانت من باب العادات وعموم المعاصي، فقال بعد نقله لعدة أحاديث فيما سيقع من عقوبات في هذه الأمة كالمسخ والخسف والقذف وغير ذلك: "فهذه الأحاديث وأمثالها مما أخبر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه يكون في هذه الأمة بعده، إنما هو -في الحقيقة- تبديل الأعمال التي كانوا أحق بالعمل بها، فلما عوضوا منها غيرها، وفشا فيها كأنه من المعمول به تشريعًا، كان من جملة الحوادث الطارئة على نحو ما بين في العبادات"، فالمعصية قد تكون مخالفة شرعية فقط، وقد يضاف إليها وجه آخر للنهي، وهى اتخاذها سنة تخالف


(١) وانظر كذلك المجموع (٨/ ٤١٦).
(٢) الاستقامة (١/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>