محمد بن واسع (١) بمرو فأتاه عطاء بن مسلم ومعه ابنه عثمان فقال عطاء لمحمد: أي عمل في الدنيا أفضل؟ قال: صحبة الأصحاب، ومحادثة الإخوان، إذا اصطحبوا على البر والتقوى، فحينئذ يذهب اللَّه بالخلاف من بينهم فواصلوا وتواصلوا، ولا خير في صحبة الأصحاب ومحادثة الإخوان إذا كانوا عبيد بطونهم، لأنهم إذا كانوا كذلك ثَبَّط بعضهم بعضا عن الآخرة، قال عطاء: يا أبا عبد اللَّه، بينا أنا قائم أصلي وأنا غلام، إذ أتاني رجل على فرس فقال: يا غلام عليك بالبر والتقوى؛ فإن البر والتقوى يهديان إلى الإيمان، وإياك والكذب والفجور، فإن الكذب والفجور يهديان إلى النار، ثم قال: يا ابن أخي اصحب أولياء اللَّه، فقلت: بأي شيء أعرف أولياء اللَّه؟ قال: إن أولياء اللَّه هم الألبّاء العقلاء الحذرون المسارعون في رضوان اللَّه عز وجل المراقبون اللَّه، فإذا رأيت أهل هذه الصفة فاقترب منهم فهم أولياء اللَّه، فقلت: فكيف أعرف أهل النفاق والكذب والفجور؟ قال: أولئك قوم إذا رأيتهم يأباهم قلبك ولا يقبلهم عقلك؛ إذا سمعت كلامهم سمعت كلاما حلوا له لذاذة ولا منفعة له، وإياك أن تصحب أهل الخلاف، قلت: ومن أهل الخلاف؟ قال: المفارقون للسنة والكتاب، أولئك عبيد أهوائهم، تراهم مضطجعين وقلوبهم يلعن بعضهم بعضا، فاحذر هؤلاء واجتنبهم، وعليك بالصلاة وانته
(١) هو محمد بن واسع بن جابر بن الأخنس الأزدي، أبو بكر أو أبو عبد اللَّه البصري، ثقة عابد، كثير المناقب، مات سنة (١٢٣ هـ)، التقريب (٦٣٦٨).