الصفات طردا وعكسا بقرب الفرق من الكتاب والسنة واتباع السلف، فقال:"المتفلسف أعظم اضطرابا وحيرة في أمره من المتكلم؛ لأن عند المتكلم من الحق الذي تلقاه عن الأنبياء ما ليس عند المتفلسف، ولهذا تجد مثل أبي الحسين البصري وأمثاله أثبت من مثل ابن سينا وأمثاله، وأيضا تجد أهل الفلسفة والكلام أعظم الناس افتراقا واختلافا مع دعوى كل منهم أن الذي يقوله حق مقطوع به، قام عليه البرهان، وأهل السنة والحديث أعظم الناس اتفاقا وائتلافا وكل من كان من الطوائف إليهم أقرب كان إلى الاتفاق والائتلاف أقرب، فالمعتزلة أكثر اتفاقا وائتلافا من المتفلسفة. . . وأهل الإثبات من المتكلمين مثل الكلابية والكرامية والأشعرية، أكثر اتفاقا وائتلافا من المعتزلة؛ فإن في المعتزلة من الاختلافات وتكفير بعضهم بعضا، حتى ليكفر التلميذ أستاذه، من جنس ما بين الخوارج. . . ولست تجد اتفاقا وائتلافا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث، وما يتبع ذلك ولا تجد افتراقا واختلافا إلا عند من ترك ذلك، وقدم غيره عليه. . . ولهذا لما كانت الفلاسفة أبعد عن اتباع الأنبياء كانوا أعظم اختلافا، والخوارج والمعتزلة والروافض لما كانوا أيضا أبعد عن السنة والحديث، كانوا أعظم افتراقا في هذه، لا سيما الرافضة فإنه يقال إنهم أعظم الطوائف اختلافا، وذلك لأنهم أبعد الطوائف عن السنة والجماعة بخلاف المعتزلة فإنهم أقرب إلى ذلك منهم"(١).
(١) المصدر السابق (٥١ - ٥٢) بتصرف، وانظر طريق الهجرتين (٥٩٥ فما بعدها).