للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه السورة النهي عن مجالسة أهل البدع والأهواء، وأن من جالسهم حكمه حكمهم. . . فألحق -أي اللَّه عزَّ وجلَّ في الآيتين- من جالسهم بهم، وقد ذهب إلى هذا جماعة من أئمة هذه الأمة، وحكم بموجب هذه الآيات في مُجَالِسِ أهلِ البدع على المعاشرة والمخالطة، منهم أحمد بن حنبل والأوزاعي وابن المبارك، فإنهم قالوا في رجل شأنه مجالسة أهل البدع، قالوا: ينهى عن مجالستهم، فإن انتهى وإلا ألحق بهم يعنون في الحكم" (١)، ولما تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية على بعض المبتدعة الباطنية قال: "من كان محسنا للظن بهم، وادَّعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم؛ فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلحق بهم، وجُعل منهم" (٢).

وعليه فيجوز التحذير منه ومنابذته ليحذره الناس، وقد سئل شيخ الإسلام عن: "الشهادة على العاصي والمبتدع، هل تجوز بالاستفاضة والشهرة، أم لا بد من السماع والمعاينة؟ وإن كانت الاستفاضة في ذلك كافية، فمن ذهب إليه من الأئمة وما وجه حجته؟ " فأجاب رحمه اللَّه: "ما يجرح به الشاهد وغيره، مما يقدح في عدالته ودينه، فإنه يشهد به إذا علمه الشاهد به بالاستفاضة، ويكون ذلك قدحا شرعيا كما صرح بذلك طوائف الفقهاء من المالكية والشافعية والحنبلية. . . هذا إذا كان المقصود تفسيقه لرد شهادته وولايته، وأما إذا كان المقصود التحذير منه واتقاء


(١) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ١٤٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>