للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكن يؤخذ منها واللَّه أعلم أن ذلك بسبب التضرع والانكسار بين يدي اللَّه، والاعتراف بالتقصير المستلزم لطلب رجاء المغفرة والقبول والأمن، لأن الخوف مستلزم للرجاء والعكس، ولذلك كان خوف المقربين أعظم من خوف عامة المؤمنين واللَّه أعلم (١).

وأما الخوف وتمني الموت: فقد وردت عدة آثار تمني فيها بعض السلف الموت أو أنه لم يخلق لشدة الخوف، فهي تدل على تمكن منزلة الخوف وقيامها بقلوبهم، وذلك أنهم كانوا أعرف الناس بربهم، وأعلمهم بصفاته وأسمائه، وحقه الذي أوجبه على عباده، وأعرفهم بضعف نفوسهم، وعدم توفيتها لحق مليكها وخالقها، فتمنّوا ما تمنوا خوفا من ذلك؛ لأنه كلما كان العبد باللَّه أعرف كان له أخوف، وكلما ازداد معرفة ازداد حياء وخوفا وحُبا، وخوف الخاصة أعظم من خوف العامة، وهم إليه أحوج، وهو بهم أليق، ولهم ألزم، ومن استقر في قلبه ذكر الدار الآخرة وجزاءها، وذكر المعصية والتوعد عليها، وعدم توثقه بإتيانه بالتوبة النصوح هاج في قلبه من الخوف ما لا يملكه ولا يفارقه حتى ينجو (٢).


(١) انظر طريق الهجرتين (٢٨٧ - ٢٨٩).
(٢) انظر طريق الهجرتين (٢٨٤ - ٢٨٥) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>