والتوكل، ولذلك اشتملت الآثار السابقة على بيان أن الخوف داع للعمل وحاثٌّ عليه، فمن خاف ترك سوف وعسى، ومن يخف يدلج، وترك بعضهم الذنوب أربعين سنة خوفا من اللَّه، حتى أدركه الورع، بل إن كلام الحسن يعتبر قاعدة عامة في هذا الموضوع حيث قال:"المؤمن أحسن الناس عملا، وأشد خوفا"، وقد لخص ابن القيم رحمه اللَّه حال السلف مع الخوف والعمل الصالح فقال:"اللَّه سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف، ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن، ومن تأمل أحوال الصحابة رضي اللَّه عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بل التقصير بل التفريط والأمن؛ فهذا الصديق يقول: وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن. . . . " ثم قال: "وهذا باب يطول تتبعه"(١).
وأما الخوف عند الموت: فقد اشتملت الآثار أن بعض السلف غلب جانب الخوف على جانب الرجاء حال الموت، وعلّلوا ذلك بعدة تعليلات: إما بعدم الجزم بما سيبشرون به، أو استحضار خوف جهنم وعدم الصبر على نارها، أو الخوف أن يبدو له ما لم يكن يحتسب، أو ضغطة القبر، أو استحضار بعض التقصير والتفريط حال الحياة والصحة، أو الخوف من عدم قبول الأعمال الصالحة، أو الخوف من أهوال القيامة، وليس في هذه الآثار أن الخوف هو الأفضل حال الاحتضار وقرب الموت،