منه، وأثر سعي بن بلال في أمر من يرجو ثواب الطاعة، بأن يشفق من عذاب المعصية وهذه من فوائد الرجاء قال ابن القيم:"الرجاء حادٍ يحدو به في سيره إلى الله، ويطيب له المسير، ويحثه عليه، ويبعثه على ملازمته، فلولا الرجاء لما سار أحد؛ فإن الخوف وحده لا يحرك العبد، وإنما يحركه الحب ويزعجه الخوف ويحدوه الرجاء"(١).
ثم اشتملت الآثار بيان تغليب أحدهما على الآخر وأيهما أولى؛ وليست الآثار متفقة المعنى في ذلك، لكن الظاهر أنها امختلفة باختلاف الحالات التي قصدها كل واحد؛ فبينما نجد في أثر ابن مسعود تغليب جانب الخوف في الحياة، وتغليب جانب الرجاء حال الموت، نجد في أثر مطرف بأنهما سواء حتى لو وزن بأدق ميزان لوجداكذلك، وقد سبقت آثار تؤيد هذا أو ذاك في حسن الظن بالله، وفي الرجاء وفي الخوف، وقد شرح ابن حجر في الفتح قول البخاري رحمه الله: "باب الرجاء مع الخوف: أي استحباب ذلك؛ فلا يقطع النظر في الرجاء عن الخوف، ولا في الخوف عن الرجاء، لئلا يفضي في الأول إلى المكر، وفي الثاني إلى القنوط، وكل منهما مذموم، والمقصود من الرجاء أن من وقع منه تقصير فليحسن ظنه بالله، ويرجو أن يمحو عنه ذنبه، وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها، وأما من انهمك على المعصية راجيا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا في غرور ... وهذا كله متفق على استحبابه في حالة الصحة،