للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما خطورته: فقد تضمنت الآثار بيان خطورته، فهو آفة العبادة كما قال معاوية -رضي اللَّه عنه-، ثم بيّن يحيى بن أبي كثير أن العمل الذي لا يراد به اللَّه يوضع في سجين، وخلاصة خطورته أنه من باب الشرك وهو مناف للتوحيد بحسبه، وقد سبق الكلام على أهمية الإخلاص في مبحث الإخلاص والعمل الصالح، وأنه شرط لقبول العمل.

وأما خوف السلف وتحذيرهم منه: فإنك تقف على العجب في هذه الآثار حيث نهوا عن التنفس المبالغ فيه عند الموعظة، فلكز عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- فاعله، ونهى الحسن جليسه عنه وبيَّن له أنه دائر بين الهلاك في الرياء، أو الشهرة إن كان لخلصا، وأنه مسؤول عن فعله ماذا أراد به، ومن حذرهم من الرياء خوفهم من إكرام الناس لهم بسبب منزلتهم الدينية، فلا يرضون بتنزيل السعر عن المثل، ولا بالإكرام والإضافة التي يكون دافعها ما عرف عنهم من الصلاح والديانة، ومن أجمل ما نقل في هذا الصدد ابن رجب قوله: "فما أحسن قول سهل بن عبد اللَّه: ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب، وقال يوسف بن الحسين الرازي: أعز شيء في الدنيا الإخلاص، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي، وكأنه ينبت فيه على لون آخر" (١).

وأما الفرق بينه وبينه حب الذكر الحسن: فقد بيّن أثر زيد بن أسلم أنه لا تنافي بينهما، وذكر دعاء إبراهيم عليه السلام بأن يجعل اللَّه له


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>