والحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، والتي يتعدى نفعها فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من اللَّه، والعقوبة.
وتارة يكون العمل للَّه ويشاركه الرياء؛ فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه أيضًا وحبوطه. . . ولا نعرف عن السلف في هذا خلافا، وإن كان فيه خلاف عن بعض المتأخرين؛ فإن خالط نيته الجهاد مثلًا نية يخل الرياء مثل أخذه أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة، نقص بذلك أجر جهاده ولم يبطل بالكلية. . .
وأما إن كان أصل العمل للَّه ثم طرأت عليه نية الرياء فلا يضره؛ فإن كان خاطرا ودفعة فلا يضره بغير خلاف، فإن استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا يضره ذلك، ويجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير الطبري، وأرجو أن عمله لا يبطل بذلك وأنه يجازى بنيته الأولى. . . وذكر ابن جرير أن هذا الاختلاف إنما هو في عمل يرتبط آخره بأوله كالصلاة والصيام والحج، فأما ما لا ارتباط فيه كالقراءة والذكر وإنفاق المال ونشر العلم! فإنه ينقطع بنية الرياء الطارئة عليه، ويحتاج إلى تجديد نية. . . " (١).
(١) جامع العلوم والحكم (١/ ١٦ - ١٧)، وانظر فتح الباري (٦/ ٢٨ - ٢٩)، وأبجد العلوم فقد ذكر في علم آفات إلرياء أربعة أقسام وحكمها (٢/ ٨٥).