وهم من يمكن روايته عنهم أو عمن فوقهم في كتبه، إلا الفضيل بن عياض رحمه اللَّه، وتلميذه إبراهيم بن أدهم، وصاحبه أبا عبد اللَّه النباجي، ثم الداراني شيئا يسيرا، من طريق أحمد بن أبي الحواري، ومنصور بن عمار، وعبد اللَّه بن خبيق الأنطاكى، ورويم بن أحمد البغدادي (ت: ٣٠٣ هـ)، فهؤلاء إما أن تجد مروياتهم قليلة جدا بالنسبة لحجم الآثار الواردة في كتبه، أو أن أقوالهم فيها رد صريح على ما اشتهر من مذهب التصوف في تلك العصور، أو لغرض آخر كأن يكون أحدهم أخباريا ونحو ذلك.
ولا تجد ذكرا لبشر الحافي رغم أنه سكن بغداد ومات بها، ولا للسري السقطي وهو إمام البغداديين وشيخهم في وقته وهو متأخر توفي سنة (٢٥١ هـ)، ولا الحارث المحاسبي (ت: ٢٤٣ هـ) وهو أستاذ أكثر البغداديين، وقرينه أحمد بن عاصم الأنطاكي، ولا معروف الكرخي (ت: ٢٠٠ هـ) وهو بغدادي، ولا الجنيد وهو عراقي مولدا ومنشأً وتأخرت وفاته إلى سنة (٢٩٧ هـ)، وسمنون بن عمر المحب وهو من كبار مشايخ بغداد مات بعد الجنيد، وكذا أبو الحسين النوري وهو بغدادي المنشأ والمولد، وكان من أجلِّ القوم وعلمائهم، لم يكن في وقته أحسن طريقة منه، ولا ألطف كلاما، وتأخرت وفاته إلى سنة (٢٩٥ هـ)، وأبو العباس بن مسروق سكن بغداد ومات بها سنة (٢٩٩ هـ)، وغير هؤلاء كثير يمكن تتبعهم في طبقات الصوفية للسلمي أو غيره من الكتب التي اهتمت بتراجم الصوفية، مع أن هؤلاء كان لهم شأن كبير وسمعة أكبر، وأكثر من ذلك كانوا بلديّيه -ولم أتعرض لذكر غير بلدييه وهم كذلك كُثُر-، ورغم كثرة مشايخه، بل وروايته عمن لا يُعرف كما ذكر عنه فتركه لأمثال من سبق دليل واضح أنه كان صاحب