قلت: وبسبب عدم التفريق بين الأمرين خلّط عبد الجبار المعتزلي تخليطا عجيبا لما أراد أن يرد استدلال أهل السنة: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} فقال في متشابه القرآن (٢/ ٣٧٢): "لا يصح التعلق به في أن المؤمن لا يؤمن إلا بمشيئته؛ لأن عندنا أن الإيمان خاصة لابدّ أن يريده اللَّه، وإنما نمنع من أن يريد الكفر، ولو احتججنا نحن به كان أقرب، في أنه تعالى يريد الإيمان من الجميع دون الكفر، فلذلك خصّ الايمان بأنه علقه بإذنه دون غيره"، فهذا واضح في أنه لا يفرّق بين الإذن الشرعي المحبوب للَّه، والإذن الكوني الذي لا يستلزم ذلك ولا يدلّ عليه وإنما يدلّ على كمال الربوبية ونفوذ المشيئة. (٢) انظر متشابه القرآن لعبد الجبار (١/ ٣٧٢) وذلك هروبا من إثبات القدر وخلق أفعال العباد، وقد ذكرت مناقشة الإمام القصاب للمعتزلة في تفسيرهم الإذن في رسالة الماجستير وردوده المطولة عليهم، وقد رد عليهم ذلك لغة وعقلا وشرعا.