الناس شيئًا؛ فلا يعذبهم بالنار بعد أن وحدوه، وهذا مقتضى عفوه، ولو عذبهم فبذنوبهم، وكذلك خلق اللَّه العباد مختلفي الحالات منهم المبتلى والأعمى والأصم ولم يسوِّ بينهم؛ لأنه سبحانه يحب أن يشكر، وهو الذي لا يحمد على المكروه سواه.
وهذه المسألة من أهم مسائل القضاء والقدر قال شيخ الإسلام:"اتفق المسلمون وسائر أهل الملل، على أن اللَّه تعالى عدل، قائم بالقسط، لا يظلم شيئًا، بل هو منزه عن الظلم، ثم لما خاضوا في القدر، تنازعوا في معنى كونه عدلا وفي الظلم لذي هو منزه عنه. . . وهذا الأصل وهو عدل الرب، يتعلق يحميع أنواع العلم والدين؛ فإن جميع أفعال الرب، ومخلوقاته داخلة في ذلك، وكذلك أقواله، وشرائعه، وكتبه المنزلة، وما يدخل في ذلك من مسائل المبدأ، والمعاد، ومسائل النبوات، وآياتهم، والثواب، والعقاب، ومسائل التعديل والتجوير وغير ذلك"(١).
وقد بين ابن أبي العز رحمه اللَّه لما شرح قول الطحاوي:(يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبدا) أن توفية هذا المقام حقه يبلغ به المسلم أعلى مقامات العبودية فقال: "روى أبو داود والحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس وعبادة بن الصامت وزيد بن ثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أن اللَّه عذب أهل سمواته، وأهل أرضهن لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم