للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم" (١)، وهذا الحديث مما يحتج به الجبرية، وأما القدرية فلا يتأتى على أصولهم الفاسدة، ولهذا قابلوه إما بالتكذيب أو بالتأويل، وأسعد الناس به أهل السنة الذين قابلوه بالتصديق، وعلموا من عظمة اللَّه وجلاله، قدر نعم اللَّه على خلقه وعدم قيام الخلق بحقوق نعمه عليهم، إما عجزا وإما جهلا وإما تفريطا وإضاعة، وإما تقصيرا في المقدور من الشكر، ولو من بعض الوجوه. . . وغاية ما يقدر توبة العبد من ذلك واعترافه، وقبول التوبة محض فضله وإحسانه، . . .وسأله -أي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصديق دعاء يدعو به في صلاته فقال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" (٢)، فإذا كان هذا حال الصديق الذي هو أفضل الناس بعد الأنبياء والمرسلين، فما الظن بمن سواه؟ بل إنما صار صديقا بتوفيته هذا المقام حقه، الذي يتضمن معرفة ربه، وحقه وعظمته، وما ينبغي له، وما يستحقه على عبده، ومعرفة تقصيره" (٣).

وقد أورد على كون الذنب عقوبة على ذنب قبله، سؤالٌ قال ابن القيم: "يبقى أن يقال في الكلام: فالذنب الأول الجالب لما بعده من الذنوب؟ فيقال: هو عقوبة أيضًا على عدم ما خلق له وفطر عليه، فإن اللَّه


(١) قال الألباني في التعليق على الطحاوية (٤٥١): "صحيح".
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية (٤٥٠ - ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>