للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبحانه خلقه لعبادته وحده لا شريك له، وفطره على محبته وتألهه والإنابة إليه. . .فلما لم يفعل ما خلق له وفطر عليه من محبة اللَّه وعبوديته والإنابة إليه، عوقب على ذلك بأن زين له الشيطان ما يفعله من الشرك والمعاصي، فلأنه صادف قلبا فارغا خاليا قابلا للخير وللشرّ ولو كان فيه الخير الذي يمنع ضده لم يتمكن من الشر. . .وأما إذا صادفه فارغا من ذلك تمكن منه بحسب فراغه وخلوه، فيكون جعله مذنبا مسيئا في هذه الحال عقوبة على عدم هذا الإخلاص وهذا محض العدل.

فإن قلت: فذلك العدم من خلقه فيه؟ قلت: هذا سؤال فاسد فإن العدم كاسمه يفتقر إلى تعلق التكوين والإحداث به، فإن عدم الفعل ليس أمرا وجوديا حتى يضاف إلى الفاعل، بل هو شر محض والشر ليس إلى الرب -تبارك وتعالى-" (١).

ومن هنا لم يسوِّ بين جميع عباده في الخِلْقَة، ولا في الهداية والضلال؛ لأن له في ذلك حكما كثيرة، وهو سبحانه لذلك يحمد على كل حال، قال ابن القيم رحمه اللَّه: "فصل في بيان أن حمده تعالى شامل لكل ما يحدثه، والمقصود بيان شمول حمده سبحانه وحكمته لكل ما يحدثه، من إحسان، ونعمة، وامتحان، وبلية، وما يقضيه من طاعة ومعصية، واللَّه تعالى محمود على ذلك مشكور, حمد المدح، وحمد الشكر، أما حمد المدح


(١) مختصر الصواعق المرسلة (١٨٨)، وانظر بقية كلامه فإنه مهم، ومجموع الفتاوى (١٤/ ٣٣١)، شرح العقيدة الطحاوية (٤٤٠ - ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>