للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هوّن عليهم البلاء رؤيتهم القدر وأن اللَّه أراد بهم ذلك، وهو أعلم بعباده فلم يعارضوا هذه الإرادة بإرادة غيرها، وأنهم لا يحبون أن يردوا قضاء اللَّه، وفي أثر محمد بن علي وابن عمر -رضي اللَّه عنه- بيان قاعدة مهمة في هذا الباب وهي أنهم يدعون اللَّه قبل وقوع البلاء فإذا وقع لم يخالفوا ما أحب اللَّه وقوعه بل رضوا به وسلموا له، ومن هنا نظروا إلى ما أوجب اللَّه عليهم في حالتي السراء والضراء، ولم يلتفتوا إلى تسخط القضاء ومعارضته، بل نظروا إلى واجب اللَّه عليهم فيه، فإن كان سراء شكروا، وإن كان ضراء صبروا أو رضوا، كما في أثر ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، ولذلك لم يبالوا على أي الحالين أصبحوا، وفي أيهما كانوا، وقد زاد عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- هذا المعنى شرحا بأنه لا يدري الخير في أي الحالين، ولذلك لم يتمنوا على اللَّه شيئًا سوى ما قدَّره، وقد عبر بعضهم عن هذا المعنى بأن سال اللَّه أن يختار له كما في أثر زبيد اليامي.

ولما شرح ابن رجب رحمه اللَّه منزلة الرضا، ومعنى أقوال السلف الواردة في موافقتهم ما أحبه اللَّه من القضاء قال: "الرضا أن لا يتمنى غير ما هو عليه من شدة ورخاء، كذا روي عن عمر وابن مسعود وغيرهما. . . فمن وصل إلى هذه الدرجة كان عيشه كله في نعيم وسرور، قال اللَّه تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوأُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (١). . . وأهل الرضا تارة يلاحظون حكمة المبتلي،


(١) سورة الأنعام، من الآية (٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>