للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخِيرَتَه لعبده في البلاء، وأنه غير مُتَّهَمٍ في قضائه، وتارة يلاحظون ثواب الرضا بالقضاء، فينسيهم ألم المقضي به، وتارة يلاحظون عظمة المبتلي، وجلاله، وكماله، فيستغرقون في مشاهدة ذلك، حتى لا يشعروا بالألم، وهذا يصل إليه خواص أهل المعرفة والمحبة، حتى ربما تلذذوا بما أصابهم؛ لملاحظتهم صدوره عن حبيبهم" (١).

وناقش ابن القيم رحمه اللَّه شيخ الإسلام الهروي في تعريفه الرضا عن اللَّه بقوله: "الرضا عنه في كل ما قضى" (٢)، فقال: "الرضا عنه وإن كان من أَجَلِّ الأمور، وأشرف أنواع العبودية، فلم يطالب به العموم، لعجزهم ومشقته عليهم، وأوجبته طائفة واحتجوا بحجج. . . أن الرب تبارك وتعالى يختار شيئًا ويرضاه، فلا يختاره العبد ولا يرضاه، وهذا مناف للعبودية فأجابهم بقوله: "هذا موضع تفصيل، لا يسحب عليه ذيل النفي والإثبات، فاختيار الرب تعالى لعبده نوعان:

أحدهما: اختيار ديني شرعي، فالواجب على العبد أن لا يختار في هذا النوع غير ما اختاره له سيده. . . فاختيار العبد خلاف ذلك مناف لإيمانه، وتسليمه ورضاه باللَّه ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا.

النوع الثاني: اختيار كوني قدري، لا يسخطه الرب، كالمصائب


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٥٤ - ٢٥٥) ثم أورد آثارا كثيرة أغلبها مما ذكرته هنا في الأصل.
(٢) منازل السائرين (٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>