التي يبتلى اللَّه بها عبده، فهذا لا يضره فراره منها إلى القدر الذي يرفعها عنه، ويدفعها، ويكشفها، وليس في ذلك منازعة للربوبية، وإن كان فيه منازعة للقدر بالقدر، فهذا يكون تارة واجبا، وتارة يكون مستحبا، وتارة يكون مباحا مستوى الطرفين، وتارة يكون مكروها، وتارة يكون حراما، وأما القدر الذي لا يحبه ولا يرضاه مثل قدر المعائب، والذنوب، فالعبد مأمور بسخطها، ومنهي عن الرضى بها، وهذا هو التفصيل الواجب في الرضى بالقضاء، وقد اضطرب الناس في ذلك اضطرابا عظيما، ونجا منه أصحاب الفرق والتفصيل؛ فإن لفظ الرضى بالقضاء لفظ محمود مأمور به، وهو من مقامات الصديقين، فصارت له حرمة أوجبت لطائفة قبوله من غير تفصيل، وظنوا أن كل ما كان مخلوقا للرب تعالى فهو مقضي مرضي، مخلوقا له ينبغي له الرضى به".
وهناك تقسيم آخر للقدر الكوني باعتبار ملاءمته للنفس ومنافرته لها، والمراد رضا العبد "بحسن اختيار اللَّه له، وليس المراد استواؤها عنده في ملاءمته ومنافرته، فإن هذا خلاف الطبع البشري، بل خلاف الطبع الحيواني" (١)، قال ابن القيم: "الرضى بالقضاء الكوني القدري الموافق لمحبة العبد، وإرادته، ورضاه، من الصحة، والغنى، والعافية، واللذة، أمر لازم بمقتضى الطبيعة؛ لأنه ملائم للعبد محبوب له، فليس في الرضى به عبودية، بل العبودية في مقابلته بالشكر. . . والرضى بالقضاء الكوني القدري الجاري