للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على خلاف مراد العبد ومحبته، مما لا يلائمه، ولا يدخل تحت اختياره مستحب، وهو من مقامات أهل الإيمان، وفي وجوبه قولان، وهذا كالمرض، والفقر، وأذى الخلق له، والحر والبرد، والآلام ونحو ذلك" (١).

وعلى كل حال فإن العبد مأمور بعبودية اللَّه في كل حالاته "فعبودية أمره الكوني القدري: أن لا يتقدم بين يديه إلا حيث كانت المصلحة الراجحة في ذلك، فيكون التقدم أيضًا بأمره الكوني والديني، فإذا كان فرضه الصبر، أو ندبه، أو فرضه الرضى، حتى ترك ذلك فقد تقدم بين يدي شرعه وقدره" (٢)، وقد ذكر رحمه اللَّه أوجه استواء رضا العبد بالنعمة والبلية فبلغت اثنان وستون وجها (٣).

وهنا مسألة وردت في أثناء بعض الآثار وهي ترك بعض السلف الدعاء، وأن ذلك من تمام الرضا، أو من شرطه؛ كأثر إبراهيم التيمي الذي ترك الدعاء لأن في الابتلاء أجرا، أو أثر ابن عمير في الذي ترك الدعاء وكان يعرف اسم اللَّه الأعظم كي لا يرد قضاء اللَّه، أو أثر زبيد اليامي الذي ترك سؤال اللَّه وفضّل اختياره له عن اختياره لنفسه، فكان يقول: "اللهم خر لي" إذا طلب منه أن يستشفي اللَّه، وأثر رابعة العدوية عن قصة الإسرائيلي الذي كان يأكل من القمامة، وترك دعاء اللَّه أن يجعل


(١) مدارج السالكين (١٩٧، ٢٠١).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٢٣٦).
(٣) مدارج السالكين (٢/ ٢١٤ - ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>