رزقه من غير ذلك، وتعليلها بأن أولياء اللَّه إذا قضي لهم قضاء كرهوا أن يتسخطوه، وهذه مسألة مهمة جدا، تحتاج إلى تفصيل وليست على إطلاقها، ولذلك قال ابن القيم:"هذا يصح في وجه دون وجه؛ فيصح إذا كان الداعي يلح في الدعاء بأغراضه وحظوظه العاجلة، وأما إذا ألحّ على اللَّه في سؤاله بما فيه رضاه والقرب منه، فإن ذلك لا ينافي الرضا أصلا. . . بل الذي ينافي الرضا أن يلح عليه متحكما عليه، متخيرا عليه ما لم يعلم: هل يرضيه أم لا؟ كمن يلحّ علي ربه في ولاية شخص، أو إغنائه أو قضاء حاجته، فهذا ينافي الرضا؛ لأنه ليس على يقين أن مرضاة الرب في ذلك"(١).
وعلاقة الرضا بالدعاء علاقة وطيدة، وذلك أن المطلوب من العبد طاعة اللَّه ورضاه في كل حال؛ فإن كان الدعاء مأمورا به أمر إيجاب، أو استحاب، وجب فعله، أو استحب، والواجب والمستحب من جملة الرضا فكيف يعارضه، وإن كان الدعاء محرما، أو مكروها، حَرُم، أو كُرِه، ومن فعله كان متسخطا وغير راض، أما إن كان مباحا مستوي الطرفين، فهو مثله مستو الطرفين، ولا يكون ساخطا أو راضيا، إلا بأمر يضاف إليه، ليخرجه عن الإباحة، إلى الدرجتين السابقتين من الحرمة والكراهة، أو الوجوب والاستحباب، وهذا كالأكل والشرب واللباس، فإنه لا ينافي الرضا، وليس ترك ذلك من شرط الرضا، لكن قد يأخذ كل واحد من