للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مستكثرات واللَّه أعلم" (١).

وأما من السنة فمن أشهر وأصرح دليل في ذلك حديث وفد عبد القيس الذي رواه ابن عباس -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قدم عليه وفد عبد القيس، فقالوا: إنا من هذا الحى من ربيعة، ولسنا نصل إليك إلا في الشهر الحرام، فمرنا بشيء نأخذه عنك، وندعو إليه من وراءنا، فقال: آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع، الإيمان باللَّه، هل تدرون ما الإيمان باللَّه؟ شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا من المغانم الخمس" (٢)، قال ابن أبي العز: "أي دليل على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان فوق هذا الدليل؟ فإنه فسَّر الإيمان بالأعمال، ولم يذكر التصديق، مع العلم بأن هذه الأعمال لا تفيد مع الجحود" (٣).

فانتظمت نصوص الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، فمن بعدهم على دخول الأعمال في مسمى الإيمان، ولهذا قال ابن رجب: "أنكر السلف على من أخرج الأعمال من الإيمان إنكارا شديدا" (٤)، ولم يستثنوا من ذلك حتى أخف الطوائف إرجاء، وهم مرجئة الفقهاء قال شيخ الإسلام: "لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب، فليس لأحد أن يقول بخلاف قول اللَّه


(١) شرح مسلم (١/ ١٤٩).
(٢) متفق عليه؛ أخرجه البخاري رقم (٤١١٠)، ومسلم رقم (١٧).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية (٣٤٦).
(٤) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>