للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورسوله، لا سيما وقد صار ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام، من أهل الإرجاء وغيرهم، وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ، سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال، فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء، حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم -يعني المرجئة- أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة" (١).

وأما مسألة الخوف من النفاق، والتلازم بين الظاهر والباطن، والقول والفعل؛ لأن أهل السنة والجماعة لما أدخلوا الأعمال في مسمى الإيمان، خافوا من عدم توفية هذا الركن حقه، فخشوا على نفسهم النفاق، أما المرجئة فلما لم يدخلوا الأعمال في مسماه قالوا بأن إيمانهم كإيمان جبريل، قال ابن رجب: "الآثار عن السلف في هذا كثيرة جدا، قال سفيان الثوري: خلاف ما بيننا وبين المرجئة ثلاث، فذكر منها قال: نحن نقول نفاق، وهم يقولون: لا نفاق (٢)، وقال الأوزاعي: قد خاف عمر النفاق على نفسه، قيل له: إنهم يقولون: إن عمر لم يخف أن يكون يومئذ منافقا حتى سأل حذيفة، ولكن خاف أن يبتلي بذلك قبل أن يموت، قال: هذا قول أهل البدع، يشير إلى أن عمر كان يخاف على النفاق على نفسه في الحال، والظاهر أنه أراد أن عمر كان يخاف نفسه في الحال من النفاق الأصغر، والنفاق الأصغر وسيلة إلى النفاق الأكبر، كما أن المعاصي بريد الكفر" (٣).


(١) ثم نقل نقولا أخرى عن السلف في ذمهم مجموع الفتاوى (٧/ ٣٩٤).
(٢) أخرج كلامه هذا الفريابي في صفة النفاق (٧٨).
(٣) جامع العلوم والحكم (١/ ٤٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>