للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأتقى له من أن يريده قلت: وهذا الظن الذي ظنه به أبو عبيد هو صريح الأثر الذي أورته عنه فالحمد للَّه رب العالمين.

وقد أنكر جمع من أهل العلم ثبوت عدم الاستثناء عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- منهم يحيى بن سعيد (١) والإمام أحمد (٢)، وعللوه بأن أصحاب عبد اللَّه بن مسعود يستثنون في الإيمان، والجمع أولى من الترجيح، لا سيما وأن الأثر المذكور في تراجعه ليس صريحا في أنه لا يرى الاستثناء، وإنما هو جار على مذهب السلف في أن الاستثناء في أمور الدنيا وأحكامها مشروع، ولهذا لما عدد شيخ الإسلام الأقوال في الاستثناء ذكر قول من قال: "هو مستحب ويجوز القطع باعتبار آخر" (٣) واللَّه أعلم.

وقد جمع شيخ الإسلام الأقوال في الاستثناء فقال: "صار الناس في الاستثناء على ثلاثة أقوال:

قول أنه يجب الاستثناء، ومن لم يستثن كان مبتدعا.

وقول أن الاستثناء محظور؛ فإنه يقتضى الشك في الإيمان.

والقول الثالث: أوسطها وأعدلها، أنه يجوز الاستثناء باعتبار، وتركه باعتبار، فإذا كان مقصوده أني لا أعلم أني قائم بكل ما أوجب اللَّه عليَّ، وأنه يقبل أعمالي، ليس مقصوده الشك فيما في قلبه، فهذا استثناؤه


(١) انظر الإيمان لأبي عبيد (٢٢).
(٢) انظر السنة الخلال رقم (١٠٦٢)، ومجموع الفتاوى (٧/ ٤١٧) (١٣/ ٤٠).
(٣) انظر المجموع (٧/ ٦٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>