للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعلماء يحكمون عليه بما يناسبه، كلٌّ حسب اجتهاده، وما بلغة عنه من أفعاله المنكرة، فمن ذلك همّه بقتل الصحابي الجليل عبد اللَّه بن مسعود، وإنكاره قراءته -رضي اللَّه عنه-، ووصفها بأنها رجز من رجز الأعراب، واختلاف الأجلح والشعبي مع عامر الملائي في تكفيره، وبغض الخليفة العادل عمر ابن عبد العزيز له، رغم أنهما كانا من حكام الدولة الأموية، وقبيلة واحدة، لكنه رجا له هو والحسن البصري بعدما بلغهما عنه من الاستغفار عند الموت.

والحجاج بن يوسف كما قال الذهبي: "أهلكه اللَّه في رمضان سنة خمس وتسعين كهلا، وكان ظلوما، جبارا، ناصبيا، خبيثا، سافكا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام، ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة، وتعظيم للقرآن، قد سقت من سوء سيرته في تاريخى الكبير، وحصاره لابن الزبير بالكعبة، ورميه إياها بالمنجنيق، وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له، وتأخيره للصلوات، إلى أن استأصله اللَّه، فنسبه ولا نحبه، بل نبغضه في اللَّه؛ فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى اللَّه وله توحيدٌ في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء" (١)، بل إن فسقه أمر مسفيض معلوم لا يمتري فيه أحد، قال شيخ الإسلام: "العدالة والفسق تثبت بالاستفاضة، ويُشهَد بها بذلك، كما يشهد المسلمون كلهم


(١) سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>