للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمذنبين من أهل القبلة، فكانت عادة السلف من لدن عهد الصحابة، الرجاء لهم، وعدم إخراجهم من جملة المسلمين، فهذا أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-، يوصى الشاعر المشهور بالمجون والهجاء الفرزدق بأنه مهما فعل فلا يقنط من رحمة اللَّه، وهذه القصة قد سبق إيرادها في فضائل التوحيد، وكان الفرزدق هناك التقى مع الحسن البصري، فنبهه إلى مثل ما قال أبو هريرة، وحذره مثل تحذيره من قذق المحصنات، ثم بيّن له أن الرجاء يجب أن يتبعه عمل، وإلا كان غرورا، فشهادة التوحيد كما قال الحسن: "إن معها شروطا، فإياك وقذف المحصنة، قال: هل من توبة؟ قال: نعم"، وهكذا حبيب أبو محمد دعا لابن برجان وهو لص يضرب به المثل في السرقة، وبيّن أن أحق الناس بالرجاء والدعاء هم العصاة وأصحاب الكبائر، قال شيخ الإسلام عند ذكره مكفرات الذنوب العشرة: "السبب الرابع الدافع للعقاب: دعاء المؤمنين للمؤمن، مثل صلاتهم على جنازته. . . وهذا دعاء له بعد الموت، فلا يجوز أن تحمل المغفرة على المؤمن التقي الذي اجتنب الكبائر، وكفرت عنه الصغائر وحده؛ فإن ذلك مغفور له عند المتنازعين، فعلم أن هذا الدعاء من أسباب المغفرة للميت" (١).

بل كانوا أشد رجاء للمؤمنين، وخوفا على أنفسهم، كما في أَثري أبي حازم وابن سيرين، واستدلال ابن سيرين بالآيات الثلاثة بان أصحاب النار كانوا يستكبرون عن قول لا إله إلا اللَّه، ويكذبون بها، وهذا منتف


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>