للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في حق الموحد وإن كان عاصيا؛ لأنه لم يكذب ولم يستكبر، بل مؤمن غلبته شهوته.

ولذلك جاء أثر عمر بن ذر الأخير، يبيّن مسألة مهمة في حكم عصاة الموحدين في الآخرة، خلاصتها أنهم تحت المشيئة إن شاء اللَّه عذبهم، وإن شاء عفا، لكن إن عذبهم فلن يخلدوا في جهنم، مع أهل الشرك، قال شيخ الإسلام عند تعليقه على قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١): "لما أثبت أنه يغفر ما دون ذلك، وأن المغفرة هي لمن يشاء، دَلَّ ذلك على وقوع المغفرة العامة مما دون الشرك، لكنها لبعض الناس، وحينئذ فمن غفر له لم يُعَذَّب، ومن لم يُغْفَر له عُذِّب، وهذا مذهب الصحابة والسلف والأئمة، وهو القطع بأن بعض عصاة الأمة يدخل النار، وبعضهم يغفر له" (٢)، وقال ابن أبي العز الحنفي: "وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وأن هذا حكم مختص بهم، فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم، ولم يختص الخروج بأهل الإيمان" (٣).


(١) سورة النساء، من الآية (٤٨).
(٢) مجموع الفتاوى (١٦/ ١٩)، وانظر فتح الباري (١١/ ٢٦٩، ٣٤٠)، معارج القبول (٢/ ٤٢٨).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية (٤٢٠)، وانظر حادي الأرواح (٢٥٤)، ويقظة أولي الاعتبار (٦٧، ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>