للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحكمة والتعليل في أفعال اللَّه، ونفي الأسباب، وكذا من جعلهم تبعا لآبائهم في النار؛ لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وإلحاقهم بهم في الدنيا، لا يلزم منه إلحاقهم بالآخرة، ولهذا قال القاسمي: "اللَّه تعالى لا يعذب أطفال المشركين بذنوب آبائهم، ولا بغير ذنب، وهذه من فروع إثبات الحكمة" (١)، ناهيك عما شذّ به ابن أشرس بأنهم يصيرون ترابا، فهو قول مخترع لا دليل عليه ولا قائل به غيره.

أقوال ضعيفة عند التأمل والتحقيق: وهي القول بالوقف، أو ترك الخوض في المسألة أصلا، لأن الوقف يعارضه نصوص صريحة صحيحة في مصيرهم (٢)، أما ترك الخوض فيها رأسا فإنه أمر اعتباري ونسبي، لا يمكن أن يتخذ قاعدة عامة، ولا يمنع أن يكون في المسألة راجح ومرجوح، لا سيما إذا تكلم فيها أهل البدع وأبدوا فيها وأعادوا، فيتعيّن إبراز القول الحق والرد على المخالف واللَّه أعلم، قال شيخ الإسلام: "ليس كل واحد قد بلغته النصوص كلها، ولا كل أحد يفهم ما دلت عليه النصوص؛ فإن اللَّه يختص من يشاء من عباده من العلم والفهم بما يشاء؛ فمن اشتبه عليه الأمور فتوقف لئلا يتكلم بلا علم، أو لئلا يتكلم بكلام يضر ولا ينفع، فقد أحسن، ومن علم الحق فبيَّنه لمن يحتاج إليه، وينتفع به فهو أحسن


(١) إيثار الحق على الخلق (٣٣٩).
(٢) انظر التمهيد (١٨/ ١١٦)، وانظر في المراد بالوقف في هذه المسألة كلام شيخ الإسلام (٤/ ٣٠٩) فقد ذكر له ثلاثة معاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>