بعد المغرب فقال: إن زيدا قد تكلم بعد وفاته، فانصرفت إليه مسرعا، وقد حضره قوم من الأنصار، وهو يقول -أو يقال على لسانه-: الأوسط أجلد القوم، الذي كان لا يبالي في اللَّه لومة لائم، كان لا يأمر الناس أن يأكل قويّهم ضعيفهم، عبد اللَّه أمير المؤمنين صدق صدق، كان ذلك في الكتاب الأول، قال: ثم قال: عثمان أمير المؤمنين وهو يعافي الناس من ذنوب كثيرة، خلت ليلتان، وبقي أربع، ثم اختلف الناس، وأكل بعضهم بعضا، فلا نظام، وأبيحت الأحماء، ثم ارعوى المؤمنون، فقالوا: كتاب اللَّه وقدره أيها الناس أقبلوا على أميركم، واسمعوا وأطيعوا، فمن تولى فلا يعهدنّ دما، كان أمر اللَّه قدرا مقدورا، اللَّه أكبر هذه الجنة، وهذه النار، ويقول النبيون والصديقون سلام عليكم، يا عبد اللَّه بن رواحة: هل أحسست لي خارجة بن زيد لأبيه، وسعدا اللذين قتلا يوم أحد، كلا إنها لظى نزاعة للشوى، تدعو من أدبر وتولى، وجمع فأوعى، ثم خفت صوته، فسألت الرهط عما سبقني من كلامه فقالوا: سمعناه يقول: أنصتوا أنصتوا فنظر بعضنا إلى بعض، فإذا الصوت من تحت الثياب، فكشفنا عن وجهه فقال: هذا أحمد رسول اللَّه، سلام عليك يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، ثم قال: أبو بكر الصديق الأمين، خليفة رسول اللَّه، كان ضعيفا في جسمه، قويا في أمر اللَّه، صدق صدق، وكان في الكتاب الأول" (١).
(١) إسناده صحيح، من عاش بعد الموت (١٤ - ١٦) رقم (٣)، ورقم (٤، ٥، ٧)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١/ ٧٤) رقم (١٤)، وابن كثير في البداية =