للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المادح، ويخالف نفسه في هواها حتى إنه ليكرهها على الجماع ليس لحظ نفسه منه، وإنما حرصا على الولد الذي يسبح اللَّه.

وكان بكَّاءً يسمع خنينه من وراء ثلاثة صفوف، وكان زاهدا في ملبسه يرى عليه آثار الترقيع حتى عُدَّت له تلك الرقاع فبلغت نيفا، كل راو يذكر ما رأى من ذلك.

وأما عدله وخوفه في خلافته: فهو مضرب المثل فيه، فكان يركب مع سائر رعيته على الدابة، ولا يرضى حتى يكون هو في الخلف، ويخاف على رعيته أن تصيبهم هلكة على يديه، ويقبل منهم الانتقاد ويعمل به، ويخشى أي محاباة بسبب المنصب الذي تولاه، فلا يعطى أبناءه وأهله من الأموال إلا ما يستحقونه كعموم المسلمين، ولهذه العلة منع ابنه عبد اللَّه من الجهاد خشية أن يحابوه في المغنم، فإن رأى حاجة شديدة بأحدهم أعطاه من ماله الخاص وأمره بالاتجار والتكسب به، ويخشى من الأموال التي تجبى إليه أن يفتتن بها، فيسرع في قسمتها على المسلمين، ويتصفح أحوال المجاهدين فيرجع من كان أبواه في حاجته، ومع هذا العدل والتورع يخاف على نفسه من تبعات الخلافة ويتمنى قبل الموت أن يخرج منها كفافا لا له ولا عليه، ولما كبر سنة خاف من التفريط فسأل اللَّه أن يتوفاه.

وأما ثناء الناس عليه: فكل مسلم يلهج لسانه بذكر محاسنه، والثناء على أعماله، شهد له علي بن أبي طالب بالجنة، ويأمر ذريته بذلك، ويتمنى أن يلقى اللَّه بمثل صحيفته، ويدعو له بتنوير قبره، كما نوّر مساجد

<<  <  ج: ص:  >  >>