للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّه بالتراويح، ويشبهه عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- بلقمان الحكيم، ويعبر عن عجزه عن إدراك مثل درجته، ويجزم أنه لن يوجد مثل عمر، ويؤكّد هذا المعنى معاوية -رضي اللَّه عنه- حيث لم يستطع أن يسير في الناس سيرة عثمان، فأما سيرة عمر فلا مطمع فيها، وهكذا بعدهم عبد الملك بن مروان ترحم عليه، وأثنى على بصره وعلمه بالدنيا، وأنه لم يغتر بها، بل إن أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها جعلت ذكره يحسن المجالس، ثم ذكرت رثاء الجن له، بل إن أخباره وصفاته عند أهل الكتاب عرفونه بها، كما عرفه النجراني يوم ركض على فرسه، وعلم أنه هو الذي سيخرجهم من جزيرة العرب.

وأما كراماته: فقد ورد أثر استقائه بالعباس -رضي اللَّه عنه- وتبشيره بالغوث بصوت سمعه بعض الأعراب في بواديهم من الغمام في نفس وقت الاستقتاء (١).

ولهذا كله وغيره فإنه لا يطعن في عمر -رضي اللَّه عنه- إلا بأحد سببين كما قال شيخ الإسلام: "إما نقصم العلم، وإما نقص الدين"، ثم قال: "من المعلوم للخاص والعام أن عدل عمر -رضي اللَّه عنه- ملأ الآفاق، وصار يضرب به المثل، كما قيل: سيرة العمرين. . . ويكفي الإنسان أن الخوارج الذين هم أشد الناس تعنتا، راضون عن أبي بكر وعمر في سيرتهما، وكذلك الشيعة الأولى أصحاب علي، كانوا يقدمون عليه أبا بكر وعمر. . . وهؤلاء أهل


(١) وقد استقصى ابن حجر الهيتمي كل هذا، وذكر النصوص معزوة إلى مصادرها في كتابه الصواعق المحرقة (١/ ٢٤٩ فما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>