يكرهون الكلام في القرآن، وقد أوردت هذا الأثر هنا لزيادة توضيح وهي أن هذا الأصل لا يعني أن أهل السنة يسكتون عن بيان باطل أهل البدع، إذا ظهرت وفشت، وهذا ما وقع للإمام عثمان بن سعيد الدارمي لما استدل له المخالف بهذا الأثر فقال:"فأما قولك: إن السلف كانوا يكرهون الخوض في القرآن، فقد صدقت وأنت المخالف لهم؛ لما أنك قد أكثرت فيه الخوض وجمعت على نفسك كثيرا من النقض، فمثلك فيما ادعيت من كراهية الخوض فيه كما قال علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، للخوارج حين قالوا: لا حكم إلا للَّه، فقال: كلمة حق يبتغى بها باطل، فقد خضت فيها أيها المعارض بأقبح خوض وضربت له أمثال السوء وصرحت بأنه مفعول، كما قال إمامك المريسي: مجعول، وكل مجعول عندك مخلوق لا شك فيه، ويحك إنما كره السلف الخوض فيه مخافة أن يتأول أهل البدع والضلال وأغمار الجهال ما تأولت فيه أنت وإمامك المريسي، فحين تأولتم فيه خلاف ما أراد اللَّه وعطلتم صفات اللَّه وجب على كل مسلم عنده بيان أن ينقض عليكم دعواكم فيه، ولم يكره السلف الخوض في القرآن جهالة بأن كلام الخالق غير مخلوق، ولا جهالة أنه صفة من صفاته"(١).
(١) نقض الإمام عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي (٥٢٥)، وانظر بقية كلامه فإنه هام جدا في بيان أن الرد على أهل البدع من الأمور المتعينة إذا ظهرت بدعتهم وراجت حتى لا يلتبس الدين على العامة، وانظر مقدمة د/ محمد خليفة التميمي في تحقيقه كتاب العرش للذهبي (١/ ١٩٩ - ٢٢٢) الفصل الثالث، فقد تناول بعض=