للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضهم لما ذكرت الفضائل، فتعلل بأن السؤال كان عن الإنس، ومن ترك ذكرهم ليسوا من الإنس، لكثرة ما تميزوا به، يصومون طول النهار فإذا جاء الإفطار وجهز الطعام تبرعوا به ليتامى أهلهم وحيِّهم، ويشبعون لشبعهم، بل لا يجد أحدهم ما يأكله عند إفطاره لإنفاقه كل ما عنده، يحرصون من الطعام على أبسطه، عفيفة ألسنتهم عن السب والشتم، ويتصدق أحدهم بعرضه في سبيل اللَّه، تهيج أنفسهم لفعل الخير إذا رأوا من يفعله، فيتمنى أحدهم لو كانت أمه حية ليحملها كما رأى من يحمل أمه، يخافون على نبيهم من أي أذى يصيبه، فيدع دعوته والاستشفاء بدعائه خوفا عليه من لدغ عقرب أو نهش حية، أحيوا الوئيدة، ويقسم أحدهم على اللَّه بأن يقتل في سبيله فيدخل الجنة، فيبر اللَّه قسمه، بل إن نساءهم كن مجاهدات، حصر من قتلته أسماء يوم اليرموك بعمود فسطاطها فبلغ سبعة رجال، قال الغزالي -بعد إيرداه لجملة من أوصافهم-: "فهذه أحوال السلف، ونعتهم، وفيهم من الفضل أكثر مما وصفنا" (١).

وقد كانت هذه سنة السلف ذكر محاسن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن أقوالهم في ذلك: "اذكروا محاسن أصحاب محمد عليه السلام تأتلف عليه القلوب" (٢)، قال الإمام أحمد: "ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلهم أجمعين" (٣).

قال شيخ الإسلام: "الأحاديث مستفيضة، بل متواترة في فضائل الصحابة، والثناء عليهم، وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون،


(١) وقد جمع كثيرا من صفاتهم الغزالي في إحياء علوم الدين فراجعه (٣/ ٢٦٧).
(٢) السنة للخلال (٣/ ٥١٣).
(٣) السنة (٨٠) رواية مسدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>