مسكين. وقال آخرون: المسكين: هو الذي له البلغة من العيش، والفقير: هو الذي لا شيء له، وهو قول الأصمعي، وأبي جعفر، وأحمد بن عبيد، وابن الأنباري، وقول الكوفيين من الفقهاء، ذكره عنهم الطحاوي، وهو أحد قولي الشافعي، وأكثر أصحابه. واحتجوا بأشياء، منها: قوله تعالى: {أمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} فجعل لهم سفينة، وقاسها أن الفقير في اللغة المكسور الفقار، ومن تأول القولين جميعاً وجد الأول أصحهما وأثبتهما، ولا حجة لهؤلاء؛ لأن قوله:{أمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} يحتمل تأويلين:
أحدهما: أنه ليس فيه دلالة على أنها كانت ملكاً لهم، وليس من شرط الإضافة أن يراد بها الملك في كل موضع، والعرب تضيف الشيء إلى الشيء وتنسبه إليه؛ لما بينهما من الملابسة والمجاورة، يقولون: هذا الباب للدار، وهذه الدابة لفلان السايس، فيجوز أن الله تعالى نسبها إليهم؛ لأنهم كانوا يتولون أمرها، وقد قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)}، ولا مقام لله