للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنه دخل المدينةَ فإذا هو برجلٍ قد اجْتمَعَ عليه الناسُ، فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرةَ، قال: فَدَنَوْتُ منه، حتى قَعدتُ بين يديه؛ وهو يحدِّث الناسَ، فلمَّا سَكَتَ وخلا، قلت له: أسألك بحقِّ وبحقِّ، لمّا حَدَّثْتَني حديثاً سمعتَه من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعَقِلْتَه وعَلِمتَه، فقال أبو هريرة. أفعلُ، لأحدِّثنَّك حديثاً حَدَّثنيه رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِلْتهُ وعلمتُه، ثم نَشَغَ أبو هريرة نَشغةً فمكثنا قليلاً ثم أفاق، فقال: لأحدِّثنَّك حديثاً حدَّثنيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنا وهو في هذا البيت، ما معنا أحدٌ غيري وغيرُه، ثم نَشَغَ أبو هريرة نَشغةً أخرى، ثم أفاق ومسح عن وجهه، فقال: أفعلُ، لأُحَدِّثَنَّك حديثاً حدثنيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنا وهو في هذا البيت، ما معنا أحدٌ غيري وغيره، ثم نَشَغَ أبو هريرة نشغةً شديدةً، ثم مال خارّاً (١) على وجهه، فأسندتُه طويلاً، ثم أفاق، فقال: حدثني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"إن الله تبارك وتعالى إذا كان يومُ القيامةِ، يَنزلُ إلى العبادِ (٢)، لِيَقضِيَ بينهم، وكلُّ أمّةٍ جاثيةٌ، فأولُ من يُدعى به رجلٌ جمع القرآنَ، ورجلٌ قُتلَ في سبيلِ اللهِ، ورجلٌ كثيرُ المال، فيقولُ اللهُ عز وجل للقارئِ: ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ على رسولي؟ قال: بلى يا ربِّ، قال: فما عَمِلتَ فيما عَلِمتَ؟ قال: كنت أقومُ به آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، فيقول الله عز وجل له: كَذَبْتَ، وتقول له الملائكةُ: كَذَبْتَ، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقالَ: فلان قارئٌ، وقد قيل ذلك.


(١) خَرَّ يَخِرُّ بالضم والكسر: إذا سقط من علو. وخر الماء يخِر بالكسر.
(٢) قلت: هذا النزول نزول حقيقي كما يليق بجلاله وكماله، وهو صفة فعل لله عز وجل، فإياك أن تتأوله كما يفعل الخلف؛ فتضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>