إليه، فإنّ الكذب لا يفيد شيئاً، وإذا ثبت أنّه صحيح أُثبِتَتْ به الأحكام، وإذا احتمل الأمرين رُوي لإمكان صدقه، ولعدم المضرّة في كذبه، وأحمد إنما قال:"إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد". ومعناه: أننا نروي في ذلك بالأسانيد، وإن لم يكن محدثوها من الثقات الذين يحتج بهم. وكذلك قول من قال: يُعمل بها في فضائل الأعمال، إنما العمل بها العمل بما فيها من الأعمال الصالحة، مثل التلاوة والذكر، والاجتناب لما كره فيها من الأعمال السيئة.
ونظير هذا قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو:"بلّغوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".
مع قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الصحيح:"إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تُصدِّقوهم ولا تُكذِّبوهم"؛ فإنه رخّص في الحديث عنهم، ومع هذا نهى عن تصديقهم وتكذيبهم، فلو لم يكن في التحديث المطلق عنهم فائدة لما رخّص فيه وأمر به، ولو جاز تصديقهم بمجرد الإخبار لما نهى عن تصديقهم؛ فالنفوس تنتفع بما تظن صدقه في مواضع.
[٢٥ - لا يجوز التقدير والتحديد بأحاديث الفضائل]
فإذا تضمّنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديراً وتحديداً، مثل صلاة في وقت معيّن بقراءة معينة، أو على صفة معينة لم يجز ذلك؛ لأن استحباب هذا الوصف المعيّن لم يثبت بدليل شرعي، بخلاف ما لو رُوي فيه: "مَن دخل