فالجواب: أن ما ذكره علماء الحديث من التساهل في أحاديث الترغيب والترهيب لا ينتظم مع مسألتنا المفروضة. وبيانه:
أن العمل المتكلَّم فيه:
١ - إما أن يكون منصوصاً على أصله جملة وتفصيلاً.
٢ - أو لا يكون منصوصاً عليه لا جملة ولا تفصيلاً.
٣ - أو يكون منصوصاً عليه جملة لا تفصيلاً.
فالأول: لا إشكال في صحته كالصلوات المفروضات، والنوافل المرتّبة لأسباب وغيرها، وكالصيام المفروض، أو المندوب على الوجه المعروف، إذا فُعِلت على الوجه الذي نص عليه من غير زيادة ولا نقصان: كصيام يوم عرفة، والوتر، وصلاة الكسوف، فالنص جاء في هذه الأشياء صحيحاً على ما شرطوا، فثبتت أحكامها من الفرض والسنة والاستحباب. فإذا ورد في مثلها أحاديث ترغّب فيها، أو تحذّر من ترك الفرض منها، وليست بالغة مبلغ الصحة، ولا هي أيضاً من الضعف بحيث لا يقبلها أحد، أو كانت موضوعة لا يقبلها أحد، فلا بأس بذكرها والتحذير بها والترغيب، بعد ثبوت أصلها من طريق صحيح.
والثاني: ظاهر أنه غير صحيح، وهو عين البدعة؛ لأنه لا يرجع إلا لمجرد الرأي المبنيّ على الهوى، وهو أبدع البدع وأفحشها كالرهبانية المنفيّة عن الإسلام، والخِصاء لمن خشي العنت، والتعبُّد بالقيام في الشمس، أو بالصمت