[٢٨ - تقرير إشكال حول اشتراط الصحة في أحاديث الترغيب]
"فإن قيل: هذا كله ردّ على الأئمة الذين اعتمدوا على الأحاديث التي لم تبلغ درجة الصحة، فإنهم كما نصّوا على اشتراط صحة الإسناد، كذلك نصُّوا أيضاً على أنَّ أحاديث الترغيب والترهيب لا يُشْتَرط في نقلها للاعتماد صحةُ الإسناد، بل إن كان ذلك، فبها ونعمت، وإلا فلا حرج على من نقلها واستند إليها، فقد فعله الأئمة، كمالك في "الموطأ"، وابن المبارك في "رقائقه"، وابن حنبل في "رقائقه"، وسفيان في "جامع الخير" وغيرهم.
فكل ما في هذا النوع من المنقولات راجع إلى "الترغيب والترهيب"، وإذا جاز اعتماد مثله جاز فيما كان نحوه مما يُرجَع إليه، كصلاة الرغائب والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وليلة أول جمعة من رجب … وصيام رجب، والسابع والعشرين منه، وما أشبه ذلك، فإن جميعها راجع إلى الترغيب في العمل الصالح، فالصلاة على الجملة ثابت أصلها، وكذلك الصيام، وقيام الليل، كل ذلك راجع إلى خير نُقِلت فضيلته على الخصوص.
وإذا ثبت هذا فكل ما نُقلت فضيلتُه في الأحاديث فهو من باب الترغيب فلا يلزم فيه شهادة أهل الحديث بصحة الإسناد؛ بخلاف الأحكام.
فإذاً هذا الوجه من الاستدلال من طريق الراسخين، لا من طريق الذين في قلوبهم زيغ؛ حيث فرّقوا بين أحاديث الأحكام، فاشترطوا فيها الصحة، وبين أحاديث الترغيب والترهيب، فلم يشترطوا فيها ذلك!