فتأمّل كيف خطَّأ الشيخُ القاري الهيتميَّ، وهو من كبار فقهاء الشافعية المتأخرين في تطبيق القاعدة المذكورة، فما عسى أن يكون حال عامّة الناس في ذلك؟ ومن شاء المزيد من الأمثلة فليراجع كتابي:"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السَّيِّئ في الأمة" يجد العجب العُجاب منها، فانظر مثلاً الأحاديث (٣٧٢ و ٦٠٩ و ٨٧٢ و ٩٢٢ و ٩٢٨ و ٩٤٤).
[٣٣ - البدء بتمييز صحيح "الترغيب" من ضعيفه]
من أجل كل ما تقدم، توجهت الهمة منذ زمن بعيد إلى أن أوفر قسماً كبيراً من وقتي، وجهداً لا بأس به من طاقتي، لخدمة كتاب "الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري، موجهاً جل ذلك إلى تمييز صحيحه من ضعيفه، تمييزاً دقيقاً واضحاً لا غموض فيه.
ويعود تاريخ البدء في هذا المشروع الهام، إلى ما قبل خمس وعشرين سنة تقريباً، حين قررت في مرحلة من مراحل الدعوة إلى الكتاب والسنّة تدريس كتاب "الترغيب" على إخواننا السلفيين في سوريا، لتعريفهم بنوع خاص من أحاديث نبيهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، طالما قستْ قلوب جماهير المسلمين اليوم بسبب جهلهم بسنة نبيهم بصورة عامة، وبهذا النوع منها بصورة خاصة، راجياً أن ترقَّ قلوبهم بهذه المعرفة، ويزدادوا بها طاعة لله، ورغبة فيما عنده، وابتعاداً عن معاصيه، ورهبة مما أعدَّه للعصاة المخالفين.
[٣٤ - منهجي في التمييز والتدريس]
ولما كان قد استقرّ في نفسي منذ نعومة أظفاري -فضلاً من الله ونعمة- أنه لا يجوز إشاعة الأحاديث الضعيفة والمُنكرَة، ولو في "الترغيب والترهيب" بين