بالعجب العجاب، طرّزه بفواثد كثيرة تَسُرُّ ذوي الألباب، قلّما توجد في كتاب، وقد قال هو نفسه فيه، وصاحب البيت أدرى بما فيه:
"فهذه نُكَت قليلة، لكنها مهمة جليلة، لم أُسْبَقْ إليها، ولا رأيت من تنبّه لها ولا نبّه عليها، جعلتها كالتذنيب، على ما وقع للإمام العلامة الحافظ الكبير زكي الدين المنذري -رضي الله عنه- من الوهم والإيهام، في كتابه الشهير المتداول … ".
[٤٢ - أدب الحافظ الناجي في نقده لـ "الترغيب"]
ومع أنه كان في نقده للكتاب وتحريره إياه دؤوباً، صبوراً، وفي أسلوبه أديباً لطيفاً، فقد وجدته في بعض المواطن قد ضاق به ذرعاً، وعِيلَ صبره من كثرة ما رأى فيه خطأ ووهماً، وعالج فيه تنبيهاً ونقداً، حتى تمنى أن لا يكون أتعب نفسه في نقده، وقد أشرت إلى شيء من ذلك في التعليق على الحديث (٦٩ - "من نفّس عن مؤمن كربة … ")، فقال بعد أن فَرَغ من بيان اضطراب المنذري في تخريجه ومآخذه عليه في نحو صفحتين كبيرتين (١٦ - ١٧):
[٤٣ - وصف الحافظ للكتاب، وشكواه من كثرة أوهامه]
"فانظر إلى ما قررته مفصّلاً، وإلى ما وقع له في هذه المواضع، تتحقّق أن غالب هذا الكتاب على هذا المنوال، وأنه لا يقدر الطالب أن ينقل منه شيئاً تقليداً له، واغتراراً به، وإنما هو بالمعنى. ولو صنعه الشخص من أصله كان أسهل عليه من تتبعه وتحريره؛ لمشقة تكرار التنبيه، وعسْر مراجعة الأصول المستمدّ منها،